الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
لا شكَّ أن هناك جوانبَ أساسيةً في حياة الإنسان، وركائزَ ينبغي الاهتمامُ بها إذا أراد الإنسانُ أن يحيا حياةً سعيدةً وهانئةً،
انطلاقًا من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سلمان رضي الله عنه: (إنَّ لربِّكَ عليك حقًّا، وإنَّ لنفسِكَ عليكَ حقًّا، ولأهلِكَ عليكَ حقًّا، فأعْطِ لكلِّ ذي حقٍّ حقَّه)، وأستطيع أن أجملها في هذه الجوانب: حق الله، وحق النفس، وحق الناس، وحق الأرض، ونُفصِّلها فيما يلي:
الجانب الديني:
وهو حقُّ الله، وهو أهم جانب في الإنسان، وهو يشمل الإيمان والتقوى واجتناب الفواحش والآثام، وإقامة أركان الإسلام والإيمان والإحسان، وقراءة القرآن، وإقامة الصلاة، والتوبة، والعمل الصالح... إلى غير ذلك.
الجانب العلمي:
ما يتعلَّق بناحية العلم والتزوُّد من المعرفة والحصيلة الثقافية، والتعلُّم المستمر عن طريق وسائل العلم المختلفة؛ من قراءة واستماع، ومشاهدة، والاستفادة من التقنيات الحديثة من إنترنت، وقنوات جيدة، والحرص على التنوُّع الثقافي من علوم شرعية وطبيعية وتاريخية وأدبية، وعلى تعلُّم لغة أجنبية؛ لتفتح له ثقافة مختلفة.
الجانب الصحي:
وهو يتعلَّق بصحَّة الإنسان النفسية والجسدية؛ مثل: أمراض الكآبة، والضيق، والانطواء، وضعف الشخصية، والجسدية؛ مثل: أمراض الضغط، وداء السكري، وأمراض القلب، عن طريق التثقُّف في هذا المجال، والاهتمام بالغذاء المتوازن، والبُعْد عن الإسراف في تناول الطعام، والرياضة، والاهتمام بالطبِّ النبوي، والأدوية الكيميائية... إلى غير ذلك.
الجانب المالي:
وهو أن يهتمَّ الإنسان بكسب عيشه؛ حتى يستغني عن الناس، وكيف ينفق ماله، ويتعلَّم الاقتصاد في النفقة، ويكون له نصيب من الصَّدَقة.
الجانب الاجتماعي:
وهذا حقُّ الناس، وهو علاقته بالناس بدءًا بوالديه، ثم أخوته وزوجته وأولاده وأصدقائه، ثم الأقرب فالأقرب، وكيف يُعمِّق ويُحسِّن هذه العلاقات بالخُلُق الحَسَن، والتواصُل السليم، والإحسان، وإفشاء السلام، وكيف يكسب علاقات جديدة، ويُحيي علاقات قديمة.
الجانب الإنجازي:
وهو حقُّ الأرض - إن صحَّت التسمية - وهو أن يهتمَّ الإنسان بوَضْع بصمة له على هذه الأرض أيًّا كانت هذه البصمة وحجمها، وأن يترك وراءه أثرًا يبقى له بعد موته؛ مثل: تأليف، أو بناء مسجد، أو دعوة أو غير ذلك، فكم من أُناسٍ ماتوا من مئات السنين، ولا زالت آثارهم باقية!
دقَّاتُ قلب المرْءِ قائلةٌ له
إن الحياة دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسِكَ بعد موتِكَ ذِكْرَها
فالذِّكْرُ للإنسان عُمْرٌ ثاني
الجانب الترفيهي والهوايات:
وهو حق النفس، وهو جانب مهم جداً لا ينبغي إغفاله من الحياة لإدخال البهجة والسرور إلى حياتنا.. مع مراعاة أن يكون بقدر معين وبأمور مباحة.. كأن يشاهد شيئًا مسلياً أو يسمع شيئاً أو يمارس هواية محببه لنفسه أو يخرج لنزهة، وغيرها من الأمور.. لتزيل شيئًا من جدية الحياة وقسوتها.. وتضفي عليها شيئاً من المتعة البريئة.. وكما قال صلى الله عليه وسلم: (ساعة وساعة).
الجانب الشخصي:
وهو جانب مهم جداً لا يقل أهمية عن سابقه.. وأنت بحاجة ماسة إليه باستمرار.. حيث إنه بين فترة وأخرى تتبعثر كثير من الأمور وتحتاج للتجديد والتطوير والتحسين المستمر.
وهناك بالتحديد ثلاثة أمور بحاجة للعناية بشكل مخصوص:
أولاً: بيتك.. وهو مملكتك الخاصة ومحل راحتك.. تحتاج إلى صيانته وتنظيفه وتطويره بين فترة وأخرى.
ثانياً: مركبتك.. وهي أداتك للتنقل بين مكان وآخر بحاجة أيضاً للاهتمام.. للوقود والتنظيف وغيرها
ثالثاً: مستلزماتك الشخصية.. تحتاج للعناية لتجديد ملابسك مثلاً أو شراء ما تحتاجه لتكون بأبهى صورة.
هذه الجوانب الأساسية التي أرى أن الإنسان يستثمر عمره المحدود فيها، ويُحاسِب نفسَه عليها، ويختلف كلُّ إنسانٍ بما حقَّقَه من إنجاز في كل جانب، فعليه أن يستكمل الناقص ويستدرك؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ: عَن عُمُرِه فيما أفناهُ، وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ، وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ، وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ)).
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.